مع تفاقم تغير المناخ العالمي وتدهور الغابات، أصبح التشجير إجراءً هامًا للحد من انبعاثات الكربون واستعادة التنوع البيولوجي. ومع ذلك، غالبًا ما تكون طرق زراعة الأشجار التقليدية مُستهلكة للوقت ومكلفة، ونتائجها محدودة. في السنوات الأخيرة، بدأت العديد من شركات التكنولوجيا المبتكرة في استخدام الطائرات بدون طيار لزراعة الأشجار عن طريق الإنزال الجوي على نطاق واسع وبسرعة ودقة.

تعتمد عملية زراعة الأشجار عن طريق الإنزال الجوي بطائرات بدون طيار على تغليف البذور في وعاء كروي قابل للتحلل الحيوي يحتوي على مواد مغذية كالأسمدة والفطريات الجذرية، ثم تُقذفها الطائرات المسيرة عبر التربة لتهيئة بيئة نمو مناسبة. تغطي هذه الطريقة مساحة واسعة من الأرض في فترة زمنية قصيرة، وهي مناسبة بشكل خاص للمناطق التي يصعب الوصول إليها يدويًا أو الوعرة، مثل التلال والمستنقعات والصحاري.
وفقًا للتقارير، بدأت بعض شركات زراعة الأشجار التي تستخدم طائرات بدون طيار في عملياتها حول العالم. على سبيل المثال، تزعم شركة "فلاش فورست" الكندية أن طائراتها بدون طيار قادرة على زراعة ما بين 20,000 و40,000 بذرة يوميًا، وتخطط لزراعة مليار شجرة بحلول عام 2028. من ناحية أخرى، استخدمت شركة "ثورة ثاني أكسيد الكربون" الإسبانية طائرات بدون طيار لزراعة مجموعة متنوعة من أنواع الأشجار المحلية في الهند وإسبانيا، وتستخدم الذكاء الاصطناعي وبيانات الأقمار الصناعية لتحسين خطط الزراعة. وهناك أيضًا شركات تُركز على استخدام الطائرات بدون طيار لاستعادة النظم البيئية المهمة، مثل أشجار المانغروف.
لا يقتصر دور إنزال الطائرات المسيّرة لزراعة الأشجار على زيادة كفاءة الزراعة فحسب، بل يُخفّض التكاليف أيضًا. تدّعي بعض الشركات أن تكلفة إنزالها الجوي للأشجار لا تتجاوز 20% مقارنةً بالطرق التقليدية. إضافةً إلى ذلك، يُمكن أن يُحسّن إنزال الطائرات المسيّرة من بقاء البذور وتنوعها من خلال إنباتها المُسبق واختيار الأنواع المُناسبة للبيئات المحلية وتغير المناخ.

رغم المزايا العديدة لزراعة الأشجار باستخدام الطائرات المسيرة، إلا أن هناك بعض التحديات والقيود. على سبيل المثال، تتطلب الطائرات المسيرة الكهرباء والصيانة، وقد تُسبب إزعاجًا أو تهديدًا للسكان المحليين والحياة البرية، وقد تخضع لقيود قانونية واجتماعية. لذلك، فإن زراعة الأشجار باستخدام الطائرات المسيرة ليست حلاً شاملاً، بل يجب دمجها مع طرق زراعة الأشجار التقليدية أو المبتكرة الأخرى لتحقيق أفضل النتائج.

في الختام، يُعدّ غرس الأشجار باستخدام طائرات مُسيّرة طريقةً جديدةً تعتمد على التقنيات الحديثة لتعزيز التنمية الخضراء وحماية البيئة. ومن المتوقع أن يزداد استخدامها وترويجها عالميًا في السنوات القادمة.
وقت النشر: ١٧ أكتوبر ٢٠٢٣